10/22/2010

نبتة



البداية

إن كنت أستطيع أن أمنحك روحي لن أتوانا لحظة واحدة فقط ابقى بقربي

هل ما أطلبه كثير ؟

......

كانت حياته مملة
لا شيء جديد فيها .. مجرد ايام تمضى بتثاقل وبلاهة وتأخذ معها سنين عمره الجميلة دون أن يحضى بلحظات متعة تصل معها نشوته إلى ذروتها

الذروة .. هذا ما يفتقده


كان يرى أن كل شيء في حياته منقوص .. احيانا يفكر ماهو الكمال وهل من الممكن أن يصل إليه

لكنه في كل مرة يتوصل لحقيقة واحدة فقط .. الحيرة والغثيان


السعادة خرافة جميلة ابتدعها الوجود .. والحزن ايضا كذبة نصدقها بغباء

لا شيء حقيقي سوى هذه الأيام .. واللحظات والدقائق

لا شيء حقيقي سوى الأحساس والتفكير والشخصيات والاختلاف


طالما تساءل كيف بامكاننا أن نصدق ما لا نراه ولا ندركه

كيف بامكاننا أن نتحسس العدل بينما الظلم يقبض بخناقنا


من أين نملك قلوب سليمة والعفن يتمدد بأريحية وصفاء


تطالبه والدته يوميا بالزواج والانجاب وممارسة الحياة بطبيعية

يجاوبها بكلمة واحدة "الله كريم" فتظل عيونها ترمقه برجاء ولهفة


يفكر في حديث والدته كثيراً .. ويضعف حين يتذكر مايحدث في ليالي الرغبة

لكنه يتراجع في كل مرة معللا ذلك بأنه يشفق على من ستشاركه حياة القلق والهواجس


قال في نفسه ذات صباح ربيعي بارد وهو يهم بالخروج من منزله إلى عمله كما يفعل في كل يوم " لماذا لم تعد الحياة تمنحنا جمالها" ، حين خرج لمح نبتة صغيرة على جانب باب المنزل .. برعم صغير جدا تحيطه وريقات خضراء على جانبيه ولد من مياه غسيل "الحوش" .. شعر بشيء داخله .. دفقة بهجة لم يمضغها منذ طفولة


في اليوم التالي استطال البرعم اصبع وبزغت وريقات جديدة فيه .. احس بسعادة غير مألوفة وقرر أن يعتني به .. أن يسقيه ويحيطه بسور صغير يحميه من مخاطر الطبيعة


أخذ البرعم كل اهتمامه فجأة .. كأنه وجد الحياة فيه .... صار يرعاه .. ويداريه .. ويعتني به.. حتى كبر البرعم وأزهر مزيد من الوريقات التي اصبحت وارفة وجميلة ..

في كل صباح يقضي وقتا طويلا أمامه .. يحدثه بكل مايختلج في صدره .. يلامس وريقاته بحنان بالغ ثم يمضى إلى عمله بروح مستكينة وابتسامة وداعة وأمان تزين محياه


اخبر والدته إنه يريد الزواج .. فرحت العجوز كثيراً ووعدته بأن يكون قرانه اقرب مما يظن

لكنها لم تحسب حسابا للقط الأسود


في صباح مشرق وجميل بدت به الحياة مبتسمة بإنشراح

كان للتو أنهى حديث روحه مع براعمه الصغيرة .. وهو متجه إلى مركبته كالعادة، فاجئه القط الأسود ذو الرأس الكبيرة

وهو يعدو بعنف حاقد خلف فأر صغير


انسل الفأر الصغير إلى داخل سور البراعم من أحد الشقوق الصغيرة ..

فقزف القط بعنف هائج من أعلى السور بلقطة سينمائية مبهرة ، وحط بقسوة شريرة فوق البراعم المزهرة فأحالها بلمحة سريعة إلى خراب وراح يحرث بانيابه فيها حتى اقتلعها من جذورها ومضى خلف طريدته الصغيرة دون أن يصلها


هل تساءلنا يوما كم من الناس ندوس ونحن نطارد رغبة اجتاحت نفوسنا العفنة


هبت نسمة هواء باردة فجأة وأحدثت رعدة خفية بجسده النحيل

مسح دمعات صغيرات لم يستطع أن يمنعها


استل هاتفه واخبره والدته إنه لن يتزوج ابدا


......

النهاية


يديك ، عينيك ، دفئك ، ليونتك ، وفيضك

لم يعد شيء هنا

لا شيء غير جفاف ملعون وصليل قذر


9 comments:

كَـ سَآمُوْرَآي said...

رَائِعٌ وَأكـثَـر
.

الجودي said...

طالما ننظر لسعادة على إنها خرافة و إن كانت جميلة ابتدعها الوجود لن نبلغ ذروتها

"
"
"
أفردت لكل المشاعر مساحتها الشرعية و أكثر ...
ولم تترك مساحة أكبر لهبوب النسمة الباردة لتجتاحك و تحدث التغيير

"
"
"
فقد استسلمت لنهاية
"
"

لا أحبذ الإستسلام
كن بخير كما أتمنى دائما

LavenDer said...

أليس هنالك تناقض -ولو كان بسيط- بين حقيقة الاحساس .. و خرافية السعادة و تكذيب الحزن ؟

على كل ..

أعجبتني فكرة الموضوع كثيراو صدقها في الطرح .. لكنّي التمست فيه نقطة من يأس جافة .. جدا ..
كما في غالبية نصوصك ..

لِمَ لا تترك قلبك يأخذ مساحة أوسع من تلك بقليل ؟ فقط لكي تستطيع السمو بذاتك اكثر ..

شكرا لقلمك اخي ..

Anonymous said...

وايد ناس إنداست بسبب رغبات الآخرين العفنه
وآخرين برزوا وبزغوا رغم ظروفهم القاسيه
للحياة أكثر من وجه
والعيش رحب لأن هناك أمل
صح؟

7osen said...

كـ ساموراي

مروركم الاروع
شكرا على الطلة
:)

7osen said...

جودي

ياهلا ومرحبا

السعادة تنبع من الداخل .. وما الخارج إلا أحداث وهمية نتوهم بأنها مسببة أو نافية للسعادة

الأستسلام كلمة مرة يجب أن يلغيها الإنسان من قاموس حياته

شكرا لطلتك البهية
ألف تحية
:)

7osen said...

لافندر

يااهلا وسهلا

التناقض بالتأكيد موجود وهو ما يصور لنا السعادة(الكذبة) التي نلاحقها أبداً

أأأأ ة .. السمو
ليتني أدركه .. ليتني الامس صفاءه
هو الغاية المجردة
...
شكرا لتعليق الجميل
:)
لك كل الاحترام

7osen said...

تحلطم

ياهلا ومرحبا

ما اضيق العيش لولا فسحة الأمل

أكيد .. طالما هناك نفس .. هناك أمل

شكرا للمرور الجميل

Anonymous said...

مازالت جذورها حيه

أعد غرسها مرة أخرى وحتما ستفاجئك النتيجة